تحقيق صحفي حواري مع المخترعة السعودية أمل حميد البلوي

إعداد د. أحمد بن عبدالغني الثقفي وتحرير فايزة حامد الثبيتي
في قلب أوروبا، وتحديدًا في العاصمة السويسرية جنيف، حيث تُعقد الدورة الخمسون لأعرق معرض عالمي يُعنى بالاختراعات، كانت المملكة العربية السعودية ترفع رايتها خفّاقة من خلال وفدها المبتكر والمتميز.
وبين العقول السعودية التي زيّنت المعرض بابتكاراتها، برز اسم أمل حميد البلوي، المخترعة السعودية الشابة التي أثارت الاهتمام بابتكارها الطبي:
“كيس نقل الدم المزود بجيوب لأخذ عينات التحليل”،
وهو اختراع لاقى إشادة واسعة من لجان التقييم والمراقبين الدوليين.
ولتسليط الضوء على هذه المشاركة الرفيعة، نلتقي اليوم في حوار خاص مع هذه المخترعة، ضمن تغطية خاصة لصحيفتكم الكريمة.
ترحيب الدكتور أحمد الثقفي:
الأستاذة القديرة أمل البلوي، يسرني أن أرحب بكِ باسم جميع قرّاء الصحيفة وباسمي شخصيًا، وأعبر عن فخري الكبير بكِ كمخترعة وطنية مشرفة، رفعتِ اسم السعودية عاليًا في جنيف ضمن محفل عالمي يُقدّر العقول والابتكار.
شكرًا لقبولك دعوتنا لهذا الحوار، ونأمل أن نُلقي الضوء من خلاله على تجربتك الملهمة.
رد أمل البلوي:
شكرًا لكم سعادة الدكتور أحمد بن عبدالغني الثقفي، شكرًا على هذا التقديم الدافئ الذي يشعرني بمسؤولية أكبر تجاه الوطن، وشكر خاص للصحيفة الموقرة التي أتاحت لي هذه المساحة لأشارك تجربتي المتواضعة.
الحقيقة أنني أعتز بكل لحظة في هذا المعرض، وأعتبر أن أي نجاح شخصي أُحققه هو انعكاس مباشر لرؤية وطنٍ يؤمن بقدرات أبنائه، ويدفع بهم بثقة إلى ميادين المنافسة العالمية.

الأسئلة والحوار:
س1: كيف كانت بداية فكرة الاختراع الذي شاركتي به؟
بدأت الفكرة خلال فترة عملي في المجال الصحي، حيث لاحظت وجود تعقيدات وتكرار في إجراءات سحب عينات الدم بعد عملية النقل. كانت هذه الممارسات مرهقة للفِرق الطبية وقد تتسبب في إهدار الدم أو التلوث. ومن هنا بدأت أتساءل: لماذا لا يكون الكيس نفسه يحتوي على جيوب لسحب العينات؟ ومن هنا بدأت رحلة البحث والتصميم والاختبار.
س2: ما هو العنصر الأبرز في هذا الابتكار الذي تعتقدين أنه لفت الأنظار في معرض جنيف؟
أظن أن العنصر الأهم هو أنه حل بسيط لمشكلة قائمة في معظم مستشفيات العالم. الابتكار ليس معقدًا تقنيًا، لكنه يُقدّم فعالية وأمانًا وكفاءة عالية، وهذا بالضبط ما يبحث عنه القائمون على الابتكار الطبي التطبيقي: حلول قابلة للتنفيذ، واقعية، وآمنة.
س3: كيف كان شعورك عندما تم قبول مشروعك لتمثيل المملكة في المعرض؟
لا أستطيع وصف شعوري بكلمات. كان لحظة امتزج فيها الفخر بالامتنان، والمسؤولية بالإلهام. أن أمثل السعودية ضمن 161 مبتكرًا ومبتكرة، شعرت أنني لا أمثل نفسي، بل كل فتاة سعودية طموحة، وكل عقل يسعى لأن يصنع الفرق.
س4: ما هي أبرز التحديات التي واجهتك خلال مرحلة تطوير الابتكار؟
أهم التحديات كانت في بناء النموذج الأولي وفق مواصفات طبية دقيقة، إضافة إلى الجانب التمويلي واللوجستي في الحصول على المواد والخبرات. كما واجهت صعوبات في إثبات فعالية الفكرة مقارنة بالأنظمة التقليدية، لكن الدعم المؤسسي من هيئة البحث والتطوير، وتوجيهات بعض الأكاديميين السعوديين، ساعدني كثيرًا على تجاوز هذه العقبات.
س5: كيف تصفين مشاركة الوفد السعودي هذا العام؟
مشاركة استثنائية بكل المقاييس. الوفد منظّم، التمثيل مشرف، والتنسيق من وزارة التعليم وهيئة الابتكار كان دقيقًا واحترافيًا. شعرتُ أن السعودية لا تشارك فقط لاكتساب الخبرة، بل لتصنع التأثير، وتضع بصمتها على المشهد الابتكاري الدولي.
س6: ما الذي قاله لكِ أحد المحكمين الأجانب وترك أثرًا في نفسك؟
أحدهم قال لي بالحرف: “ما قمتم به ليس مجرد كيس دم… بل هذا تصميم يختصر آلاف الأخطاء الطبية مستقبلاً.” هذه العبارة لم أنسَها، لأنها أكدت لي أن العمل مهما بدا بسيطًا في مظهره، يمكن أن يُحدث فرقًا ضخمًا في حياة البشر.
س7: هل تتوقعين أن يتم تبني اختراعك في المستشفيات السعودية؟
بإذن الله نعم. قدمتُ الفكرة مرفقة بنموذج أولي مكتمل التصميم، وسأتقدم لتسجيل براءة اختراع رسمية، ثم أسعى للتعاون مع أحد المصانع المحلية أو شركات التجهيزات الطبية في المملكة، وأنا على ثقة أن الجهات المعنية ستدعم هذا المشروع لأنه يُعزز الكفاءة ويخدم حياة المرضى.
س8: ماذا تقولين للجيل القادم من المبتكرين في السعودية؟
أقول لهم: لا تنتظروا الموافقة لتبدأوا، بل ابدؤوا ليأتيكم الاعتراف. الطريق ليس سهلًا، لكنه مليء بالتعلم والاكتشاف. والآن، أكثر من أي وقت مضى، كل الجهات تدعمكم، ورؤية 2030 جعلت الابتكار جزءًا من الهوية الوطنية، لا ترفًا معرفيًا.
س9: كيف كانت تجربة التفاعل مع مبتكرين من دول مختلفة؟
ثرية ومُلهمة. تعرفت على نماذج عالمية كانت تعاني من نفس التحديات التي واجهتها، واكتشفت أننا نملك ما يؤهلنا للتفوق. كما أنني شعرت بفخر كبير لأن أغلب من التقيتهم أبدوا إعجابًا بتمثيل المرأة السعودية، وذهلوا من جودة التنظيم السعودي.
س10: في ختام الحوار، لو خُيّرتِ بين إعادة التجربة أو اختيار مسار مختلف، ماذا سيكون اختيارك؟
سأعيدها دون تردد. كل لحظة عشتها في هذه التجربة كانت غنية بالمعنى. أعادت تشكيل قناعاتي، وعزّزت ثقتي بنفسي، وأكدت لي أن كل فكرة تحمل في داخلها حياة. نعم، سأكررها، وأتمنى أن أنقل تجربتي لغيري، لأصنع أثرًا مضاعفًا.
س11: فوزك بالميدالية الذهبية في معرض جنيف، بوصفه تتويجًا لمسيرتك الابتكارية… ماذا يعني لكِ هذا التكريم؟ وهل كنتِ تتوقعينه؟
هذه اللحظة لا تُنسى… لحظة إعلان الفوز كانت أشبه بحلم، لكنه كان حقيقيًا بكل تفاصيله. فالميدالية الذهبية بالنسبة لي ليست فقط قطعة تذكارية أو شهادة تقدير، بل هي اعتراف عالمي بأن الأفكار السعودية قادرة على المنافسة والتميّز والقيادة في المحافل الدولية.
لم أكن أتوقع النتيجة، لكنني كنت أؤمن بجدية الابتكار، وحرصت على تقديمه بالشكل الذي يليق بالمملكة.
هذا التكريم هو تاج على رأسي، ووسام على صدري، لكنه أيضًا مسؤولية كبيرة لمواصلة المشوار، وتحويل الفكرة إلى منتج وطني يُصنع في السعودية، ويُستخدم في كل أنحاء العالم. أُهدي هذا الإنجاز لوطني، لوالدي، ولكل فتاة سعودية تحلم ولا تنتظر من يسمح لها بالحلم.
ختام الحوار – كلمة الدكتور أحمد الثقفي:
الأستاذة أمل البلوي، شكرًا لكِ على هذه الدقائق التي منحتينا فيها فكرًا ووعيًا وإلهامًا. كنتِ صوتًا راقيًا للمرأة السعودية، وللمخترع العربي، ومثلتِ بلدك بأروع صورة. نحن فخورون بكِ، ونتطلع لنراك قريبًا في منصات التكريم المحلية والدولية.
كلمة ختامية من أمل البلوي:

شكرًا لك د. أحمد الثقفي على هذا الحوار الذي كان أكثر من لقاء… كان مساحة لتأمل التجربة وتوثيق أثرها.
شكرًا لصحيفتكم الكريمة على هذا الاهتمام الحقيقي بالمخترعين والمبتكرين، فهذا التقدير الإعلامي هو الذي يبعث فينا الحياة.
وختامًا، أقول إن معرض جنيف ليس مجرد معرض دولي، بل نافذة حضارية تطل منها السعودية الجديدة بعقولها ومخترعيها، لتخاطب العالم بلغة المنجز والمعرفة والابتكار.

#أمل_البلوي
#المخترعون_السعوديون
#معرض_جنيف_الدولي
#الابتكار_الطبي
#رؤية 2023





