رحلة في سماء الوطن في يومه الوطني مع عبدالله جمعة

بقلم الكاتب: سيّار عبدالله الشمري
في أجواء اليوم الوطني السعودي الـ ٩٥ وفي مركز سايتك في الخبر، جمع نادي وسم الثقافي مساء الأربعاء الماضي ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٥ بين الكلمة والوطن في أمسية حوارية بعنوان: «الثقافة.. قوة الوطن الناعمة»، استضاف خلالها الأستاذ عبدالله جمعة، الرئيس الأسبق لأرامكو السعودية، وأدارها الأستاذ محمد الخلفان.
وفي هذه الأمسية، اصطحبنا أبا منذر في رحلة غير عادية، لا تشبه أي لقاء أو حوار، بل كانت تجربة فريدة للتحليق في سماء الوطن، استمرت لساعتين أو يزيد. وعلى متن “طائرته الخاصة”، فتح لنا صندوق أسراره الأسود، وجعلنا نتنقل معه بين محطات ملهمة من حياته الزاخرة بالعطاء.
تنقل بنا من مشارق الأرض إلى مغاربها، من أقصى الشرق إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مرورًا بدول أوروبا، ثم توقف عند مركز إثراء هذا المركز الثقافي الفريد من نوعه وكيف نشأت فكرته، ومن ثم أبحر بنا نحو الجامعة الأمريكية في مصر، وروى لنا قصة “المهرج وبيضة الديك”، قبل أن يعرّج بنا إلى حقل “الشيبة” في عمق الربع الخالي والتحديات المصاحبة لهذا المشروع الضخم. رحلة حملت عبق التجربة ودفء الحكايات، واختتمت بعودتنا إلى مركز سايتك حيث وثّقنا تلك اللحظة بصور تذكارية مع هذه القامة والقيمة الوطنية الكبيرة.
وخلال الأمسية، لم يقتصر أبو منذر على الحكايات، بل شاركنا عصارة خبراته في القيادة الناجحة، قائلاً “القائد الناجح لا بد أن يكون مثقفًا، فالقائد المثقف يختلف عن غيره. وأضاف مؤكّدًا: “على القائد أن يحيط نفسه بالأذكياء لكي يكون ناجحًا.”
ولم يخفِ أبو منذر حرصه على الهوية الثقافية واللغوية، حيث عبّر بحرقة عن حزنه تجاه ابتعاد الأجيال الحالية عن لغتهم الأم، قائلاً: “إني أشعر بالحزن عندما تكلمني حفيدتي باللغة الإنجليزية وليست بالعربية.”
وعلى المستوى الشخصي، ورغم حضوري للكثير من الملتقيات والندوات والمعارض داخل المملكة وخارجها، لم أشهد حشدًا جماهيريًا يلتف حول شخصية كما رأيت تلك الليلة. كان الجميع يتسابقون للسلام على الأستاذ عبدالله جمعة، والتحاور معه، والتقاط الصور الجماعية والفردية، في مشهد يختصر مكانته الاستثنائية في قلوب الناس.
ختامًا، لقد كانت أمسية في اليوم الوطني، لكنها أيضًا كانت رحلة في عمق التجربة الإنسانية والوطنية. فالأستاذ عبدالله جمعة ليس مجرد شخصية بارزة، بل هو ذاكرة نابضة وملهمة، وقائد فكري حمل همّ الوطن واللغة والثقافة، كما حمل همّ إنتاج النفط والغاز والبترول. وجوده أينما حلّ يترك أثرًا خالدًا، ويمنح من يلتقيه زادًا من الحكمة والتجربة.