لماذا ينجذب الأطفال للطعام غير الصحي؟

جدة – ماهر عبدالوهاب
أكد أستاذ واستشاري غدد الصماء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا، أن انجذاب الأطفال المتزايد للأطعمة المكيسة، مثل الشيبس والدونات والمقرمشات المحلاة وغيرها ، يعود إلى مجموعة معقدة من العوامل، تبدأ من التأثير الكبير للإعلانات التجارية الموجّهة للأطفال، والتي تظهر هذه الأطعمة بصورة ممتعة ومثيرة ، مبينا أن الأطفال بطبيعتهم يميلون للمذاقات القوية المرتفعة بالسكر والملح والدهون، وهي تركيبة مصممة بعناية لجذبهم وإثارة رغبة متكررة للاستهلاك، فبعض جهات الإنتاج تعتمد على ألوان زاهية وشخصيات كرتونية تزيد من جاذبية المنتج للطفل.
وأوضح أن الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية ساهم أيضاً في زيادة تناول هذه الأطعمة، إذ يقضي الأطفال ساعات طويلة أمام الشاشات دون حركة، وغالبًا ما تكون هذه الوجبات السريعة المتوفرة هي الخيار الأسرع أثناء المشاهدة، مما يعزز ارتباطاً سلبيًا بين “الجلوس الطويل” والأكل غير الصحي.
وأشار البروفيسور الأغا إلى أن الاستهلاك المستمر للأطعمة المكيسة يسبب أضرارًا صحية تتجاوز الوزن الزائد والسمنة، ليصل تأثيرها إلى الجهاز المناعي، وصحة الأسنان، واضطرابات النوم، بالإضافة إلى تأثيرها على مهارات التركيز والانتباه لدى الطفل ، كما أن بعض الإضافات الصناعية مثل الملونات والمواد الحافظة قد ترتبط بزيادة فرط الحركة وتشتت الانتباه عند الأطفال، وهو ما تؤكده تقارير بحثية عديدة.
وبيّن أن الجانب النفسي لا يقل أهمية؛ فإدمان النكهات المصنعة يؤدي إلى نفور بعض الأطفال من الأطعمة الطبيعية، مثل الخضروات والفواكه، مما يخلق فجوة غذائية طويلة المدى تحتاج إلى تدخل مبكر لتعديل سلوك الطفل الغذائي.
وحول البدائل الصحية، دعا البروفيسور الأغا إلى اعتماد مبدأ “الإعداد المشترك”، بحيث يشارك الطفل في تحضير وجبات بسيطة مثل السلطات، أو شرائح الفواكه، أو الساندويتشات الصحية، لأن مشاركته تمنحه شعورًا بالإنجاز ويجعله أكثر قابلية لتناول الطعام الصحي ، بجانب أهمية توفر خيارات صحية جاهزة داخل البيت لتكون في متناول اليد عند شعور الطفل بالجوع، مثل المكسرات الطبيعية، الزبادي، الفواكه المقطعة، أو الفشار المحضّر منزليًا دون دهون إضافية.
وعن دور الأسرة، أوضح البروفيسور الأغا، أن تصرفات الوالدين تمثل العامل الأكبر في تشكيل سلوك الطفل الغذائي؛ فالطفل يعيد ما يراه، لا ما يسمعه ، كما أن تقليل حضور الأطعمة المكيسة في المنزل يشكل خطوة فعّالة ، لأن الطفل لا يتجه لطلب ما ليس متوفرا ، كما يجب على الأسر وضع قواعد غذائية متوازنة دون إجبار أو ضغط، مع تشجيع الطفل على شرب الماء وتناول وجباته الأساسية في أوقات منتظمة.
وأضاف أن المدرسة أيضًا تتحمل دورًا مهمًا في نشر الوعي والحد من انتشار هذه الممارسات الغذائية، من خلال تقديم وجبات مدرسية صحية ومنع بيع المنتجات عالية السكر والدهون داخل المقاصف، إلى جانب تعزيز ثقافة الغذاء السليم عبر الأنشطة اليومية والبرامج التوعوية.
وفي ختام تصريحه، وجه البروفيسور الأغا رسالة مباشرة للأطفال، دعاهم فيها إلى التفكير في صحتهم على أنها “كنز” يجب الحفاظ عليه من خلال اختيار الأطعمة التي تمنحهم القوة والقدرة على اللعب والتركيز ، فالاستمتاع بالطعام أمر جميل، لكن الأجمل هو تناول ما يفيد الجسم ويجعله أقوى كل يوم، مطالبًا الأطفال بتقليل تناول الشيبس والدونات واستبدالها بوجبات تمنحهم طاقة حقيقية وتساعدهم على النمو الصحي السليم.





