حوار مع الدكتور محمد الشمراني دكتوراه في العلاج الطبي الأسري حول نوبات الهلع وكيفية التعامل معها

حوار :شريفه بنت جبر
ماهي نوبات الهلع وما أعراضها ، وما الفرق بينها وبين المرض النفسي ، وكيف نتعامل معها ، وهل هناك علاقة بينها وبين الأمراض العضوية ، أسئلة عديدة تشغل بال الكثيرين منا ، وخاصة مع ازدياد معدل اضطرابات القلق بين سكان العالم ، يجيب عنها دكتور محمد الشمراني (دكتوراه في العلاج الطبي الأسري) من جامعة سانت لويس بولاية ميزروي الأمريكية في هذا الحوار..
– ماهي نوبات الهلع وأعراضها؟
نوبات الهلع هي نوبة قصيرة من القلق والضيق الشديد او الخوف الذي يبدأ بشكل مفاجئ ويرافقه أعراض جسدية مثل ألم في الصدر، الشعور بالاختناق أو غصة بالحلق، الدوخه، الغثيان، وضيق التنفس.
وأيضا تشمل أعراض نوبات الهلع على أعراض عاطفية مثل مشاعر من عدم الواقعية أو الغرابة أو الانفصال عن البيئة المحيطة، الخوف من الموت، و الخوف من الجنون آو فقدان السيطرة.
وتشمل الأعراض بشكل عام أيضا سرعة في ضربات القلب و التعرق و الارتجاف أو الارتعاش مع الإحساس بالخدر ، و يمكن أن تستمر نوبة الهلع من بضع دقائق إلى نصف ساعة ، ولكن آثار هذه النوبة الجسدية والعاطفية قد تستمر بضع ساعات.
– هل تصنف نوبات الهلع باضطراب نفسي إن صح التعبير ، وهل هناك فرق بين الاضطراب النفسي والمرض النفسي؟
في الحقيقة نوبات الهلع المتكررة تجعل الشخص يعاني من اضطراب الهلع وهو نوع من القلق ويكون لديه بشكل عام نوبات ذعر متكررة و مخاوف مستمرة من الهجمات المتكرره ، وهنا نستطيع أن نطلق عليه اضطراب نفسي ، أما بالنسبة للفرق بين الاضطراب النفسي و المرض النفسي هو أن الاضطراب هو مرض نفسي تضاف إليه التبعات الاجتماعية و الوظائفية التى تنتج عن الإصابة بالمرض النفسي ، على سبيل المثال : القلق النفسي يعتبر مرض نفسي إذا كان شديدا ، أما إذا كانت درجة شدته تعيق الإنسان و تعطله عن القيام بواجباته الحياتية هنا يعتبر اضطراب ، لكن من جهة أخرى هنالك مجموعة تشخيصه أخرى تعرف بالاضطرابات الشخصية ولا تسمى بأمراض الشخصية.
– كفرد ظهرت علي أعراض لهذا المرض ما الآلية المناسبة للتعامل معه عند حدوث النوبة ، و هل يستوجب الذهاب للطبيب النفسي ؟
في البداية نوبات الهلع في حد ذاتها ليست مهددة للحياة إلا أنها تكون مخيفة و تؤثر بشكل كبير على نوعية حياة الانسان. فمن هنا يجب عليك إدراك هذه الحقيقة ، و معرفة أعراض نوبة الهلع حيث أن هذه المعرفة سوف تساعدك كثيرًا في كيفية التعامل مع النوبة ، على سبيل المثال تهدئة النفس بقدر الإمكان و التنفس بشكل طبيعي و أعطى الأعراض الفرصه لتأخذ وقتها و تنتهي ، ومن ثم طلب الاستشارة سواءً من طبيب نفسي أو أخصائي نفسي ؛ لأنه بكلا الحالتين سوف يكون للعلاج دور فعال في التعامل مع المشكلة.
-هل للنوبات الهلع درجات ومستويات تدل على ازدياد أو انخفاض المرض ماهي المدلولات على ذلك؟
بشكل عام هناك نوعان الآخر يتطور بناءً على الأول مثلاً نوبة الهلع قد تحدث نتيجة لحدث معين أو مشكلة مرضية معينه و تنتهي ، و تشير الإحصائيات إلى أن النوبة غالبًا ما تصيب الشخص مرة إلى مرتين في حياته، ولكن المصابين بالمرض يعانون من النوبة بمعدل مرة شهريًا وهذا بسبب تكرار النوبات و انتقلت من كونها نوبة هلع إلى اضطراب الهلع وتختلف درجات المرض من شخص لآخر؟
– كمجتمع عند ظهور شخص يحمل أعراضه في مكان عام ماهي كيفية التعامل معه وتهدئته حتى لايؤذي نفسه والآخرين؟
في الغالب كما أسلفت نوبات الهلع ليست مهددة للحياة فمن هذا المبدأ ، لذا البدء في طمأنة المريض بأن نوبات الهلع غير مميتة و حث الشخص على الاسترخاء و التنفس بشكل طبيعي و عدم مقاومة الأعراض.
هل هناك أهمية لتثقيف الأهل والمجتمع بهذا المرض ؟
لو نظرنا إلى أكثر الأشخاص زيارةً لعيادات الطوارئ نجدهم مصابي نوبات الهلع ، لأن المريض يظن أنه سوف يصاب بسكتة قلبية أو ما شابه ذلك ، لذا التثقيف النفسي ضروري لمعالجة المشكلة عند ظهورها و تجنب تفاقم المشكلة وبالتالي صعوبة التعامل معها.
– هل هناك علاقة بينه والأمراض العضوية وكيفية التفرقة بينهم؟
لا توجد علاقة مباشرة بين نوبات الهلع و الأمراض العضوية ، ولكن قد تنشأ نوبات الهلع من القلق أو الخوف من المرض العضوي حسب خطورته ، وأيضا هناك تشابه في الأعراض بين نوبات الهلع و النوبه القلبية مثل تسارع ضربات القلب و ضيق التنفس لكن هناك فرق بينهما.
– مامدي انتشار المرض عالميا و محليا ؟
نعم للأسف القلق بشكل عام ومن ضمنه نوبات الهلع في ازدياد ولا يوجد لدي إحصائية من وزارة الصحة ، وتقدر النسبة العالمية للإصابة باضطرابات القلق 4.05% من سكان العالم.
نختم لقائنا بقصة حدثت معك في العياده التي لم تنساها أن هذا المرض لايستوجب الخوف منه؟
مرت على حالة كانت لشاب يبلغ من العمر ٢٢ سنة و كان بالكاد يخرج من بيته خوفًا من أن تهاجمه النوبة و هو في الطريق ولن يستطيع إنقاذ نفسه أو أحدا سوف ينقذه ، طبعًا في هذه الحالة المريض خلق سلوك تجنبي و أيضا بناء أفكار و معتقدات سلبية أدت إلى تفاقم المشكلة و جعلته شخص بالكاد يغادر منزله إلا في الظروف القصوى.
بعد عمل شاق مع المريض باستخدام أسلوب التعرض و العلاج السلوكي المعرفي تم بحمد الله تحسن المريض بشكل أفضل و بدأ يعود للحياة من جديد.
طبعًا المصاب بنوبات الهلع يطور سلوكيات جديدة تسمى بالسلوك الآمن و هو في حد ذاته سلوك خاطئ يوهم المريض نفسه به و قد يتطور مع الوقت ، مثلا هذا الشاب كان يحمل معه علبة ماء في كل مكان و يعتقد أن هذه العلبة هي مصدر النجاة لو حصل له شي أو فأجته النوبة لكن عندما ينساه هنا تتوقف الحياة عنده و قد يلغي مشواره الذي كان ذاهبا إليه. لكن بالنهاية مع الاستمرار على حضور الجلسات تحسنت الحالة تدريجيًا حتى عاد إلى حياته الطبيعية.
النقطة التي أحب توضيحها أن نوبات الهلع مثل أي مرض تتعالج سواءً بالأدوية أو بالجلسات النفسية ويشفى المريض منها بشكل جيد.





