الصحة

الأمعاء الحارس الخفي لجهاز المناعة

غيدا الغامدي – جدة

أكد طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين ، أن صحة الأمعاء ليست مرتبطة فقط بالهضم، بل تمتد لتكون حجر الأساس في كفاءة جهاز المناعة ، فأي خلل في الأمعاء قد يقود إلى اضطرابات مناعية مزمنة، بينما المحافظة عليها من خلال التغذية السليمة ونمط الحياة الصحي تعني وقاية أقوى من العديد من الأمراض المناعية.

 وقال إن الأمعاء تحتوي على مليارات البكتيريا النافعة التي تعرف بالميكروبيوم ،وهذه البكتيريا تساهم في إنتاج الفيتامينات، وتخليص الجسم من الفضلات والسموم، وتحافظ على التوازن المناعي وتُدرب الجهاز المناعي على التمييز بين الضار والنافع ، وعند حدوث خلل في هذا التوازن يزداد خطر الإصابة بأمراض مناعية مثل: داء كرون والتهاب القولون التقرحي ، مرض السكري من النوع الأول ، التصلب المتعدد ، الروماتويد ، الصدفية وأمراض جلدية أخرى ،

وبذلك فالأمعاء تمثل خط الدفاع الأول للجسم ضد الميكروبات والسموم وتحتوي جدران الأمعاء على ما يعرف بـ “الجهاز المناعي” المرتبط بالأمعاء ، وهو يشكل حوالي 70% من جهاز المناعة الكلي ، تبدأ العديد من اضطرابات المناعةالذاتية في القناة الهضمية حيث يمتلك الجسم آليات وقائية لمنع مسببات الأمراض من غزو الأمعاء ولكن قد يُسمح لمسببات الأمراض بالمرور مثل الفيروسات والمواد الكيميائية والمضادات والسموم أو تناول الأطعمة الضارة عبرالحاجز المعوي إذا كان هناك نفاذية معوية تُعرف أيضًا باسم الأمعاء المتسربة فتتحول البكتريا النافعة الى ضارة وتؤدي الى تسرب البروتينات من الأمعاء فيهاجمها الجسم المناعي على انها غريبة فيؤدي الى التفاعل المناعي ومن ثم المرض المناعي الذاتي .

ويواصل د.ضياء : بحثت العديد من الدراسات في الدور المسبب للميكروبيوم في تطور الأمراض المناعية، فمثلا نشرت مجلة Frontiers. Immunology عام 2024 دراسة مشتركة بين باحثين في هولندا والصين للتغيرات في ميكروبيوم الأمعاء لدىمرضى الروماتويد أثناء العلاج بالعقاقير وذلك بتتبع التغيرات الطولية فيبكتيريا الأمعاء لدى 22 مريضًا بالروماتويد الذين تم اختيارهم بصورة عشوائية تبين أن دور الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء في التسبب في الروماتويد، وأنبدا و – أو تطوره يكون مصحوبًا بتغييرات في جزء من الكائنات الحية الدقيقة فيالأمعاء والتي ارتبطت أنواع منها لدى المصاب بمؤشرات مصلية وسريرية مختلفة.

ولفت إلى العلماء حول العالم بدأوا يكتشفون أن سر بعض الأمراض المناعية يكمن في أمعائنا ، فالميكروبيوم المعوي، (وهو مجموعة ضخمة من البكتيريا والكائنات الدقيقة التي تعيش في الجهاز الهضمي ) لم يعد ينظر إليه فقط كعامل مساعد للهضم، بل كمنظم رئيسي للمناعة، وربما كمحرك خفي وراء أمراض مثل التصلب المتعدد والروماتويد، ففي دراسة دنماركية حديثة نُشرتفي Genome Medicine،

أكد الباحثون أن الخلل في الميكروبيوم يؤثرمباشرة على توازن الخلايا المناعية، خصوصًا بين الخلايا المضادة للالتهاب والخلايا الالتهابية ، مما يسرّع من تقدم المرض ، كما لم تختلف الحال كثيرًا في التهاب المفاصل الروماتويدي ، ففي أبحاث أُجريت في كوريا الجنوبية(مستشفى سانت ماري في سيول) والصين (شنغهاي)، أظهرت النتائج أنمرضى الروماتويد  لديهم زيادة كبيرة في بكتيريا Prevotella copri، خاصة في المراحل الأولى للمرض ، وهذا الارتفاع يرتبط بزيادة الالتهابات داخلالمفاصل وتفاقم الأعراض ، كما كشفت دراسة دولية واسعة نشرتها مجلة الخلية عام 2023 عُرفت باسم iMSMS، قادها باحثون من جامعة كاليفورنيا – سانفرانسيسكو، وشملت ألف شخصا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسبانيا والأرجنتين وبعد إجراء تحليل عينات أمعاء تبين أن مرضى التصلب المتعدد لديهم انخفاض ملحوظ في تنوع البكتيريا النافعة مثل Lactobacillus وBifidobacterium ، في المقابل لوحظ زيادة في أنواع ضارة مثلAkkermansia muciniphila، التي قد تضعف جدار الأمعاء وتعزز الالتهاب، فيما أثبتت التدخلات العلاجية مثل البروبيوتيك، والبريبايوتيك، والنظام الغذائي الغني بالألياف فعاليتها في تحسين صحة الأمعاء وتقليل شدة الالتهابات.

وكشف د.ضياء لهذا السبب فإن صحة الأمعاء لها دور محوري في الوقاية من الأمراض المناعية والالتهابية التي تصيب الإنسان ، كما أثبتت الدراسات أيضًا أن تكوين الميكروبيوم ووظائفه تتغير أثناء العلاج، بما في ذلك العلاج بالطب الصيني التقليدي كما أنها توفر توجيهات فعالة محتملة لتطوير علاجات جديدة للأمراض المناعية مثل الروماتويد. 

وحول طرق دعم صحة الأمعاء للوقاية من الأمراض المناعية ختم ضياء حديثه بقوله:

هناك بعض النصائح لدعم صحة الأمعاء للوقاية من الأمراض المناعية وهي : التغذية المتوازنة من خلال تناول أطعمة غنية بالألياف مثل الخضروات والحبوب الكاملة ، تقليل المضادات الحيوية غير الضرورية لأنها تقتل البكتيريا النافعة ، إدارة التوتر لأن الضغط النفسي يؤثر مباشرة على صحة الأمعاء.

الحرص على النوم الجيد والنشاط البدني المنتظم ، فذلك يدعمان توازن الميكروبيوم ، وأيضا إن الاهتمام بمصادر البروبيوتيك والبريبايوتيك لتعزيز نمو البكتيريا النافعة حيث أثبتت التجارب السريرية والحيوانية أن مكملات البروبيوتيك تُخفف أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي من خلال تنظيم خلل التوازن البكتيري في ميكروبات الأمعاء وتعديل الاستجابات المناعية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com