بنو سعد.. حيث تتحدث الحصون ويثمر العنب

علي بن خضر الثبيتي
في صبيحة أحد أيام جماد الأولى ، بدتْ طلائعُ الصباح تبشر بيومٍ جميل ، وأشرقت شمس الجمال والآمال من أفقها ، لتكون أكثر إشراقاً.
انطلقت الرحلة من الطائف المأنوس ، مدينة الورد ، والإبداع ، إلى بنو سعد ، مع رِفقةٍ تحمل على عاتقها همّ التنمية والبناء لمدينتهم الطائف ،أعضاء الغرفة التجارية ورجال الأعمال ، ونخبة من وجهاء وأعيان الطائف.
الطريق السياحي كان مُمْتطى مركبتنا، والقرى تصطف على جنبات الطريق ، كأنما ترحب بمقدمنا .
إثراء معرفي أثناء الرحلة للأماكن والقرى ، والشواهد التاريخية القائمة التي مازالت تحكي تاريخها ، وتنثر عبق ماضيها.
حينما يُذكر بنو سعد ، تتداعى إلى الذهن تلك القبيلة التي اشتهرت بالفصاحة والبلاغة ، وبشرف الاسم النبوي محمد صلى الله عليه وسلم ومرضعته حليمة السعدية.
وتدلُف إلى ذهنك تلك البيوت العريقة في تلك المنطقة ، التي تسنمت المجد ، والعِرْف والحكمة والرئاسة ، كابن عايد ، وابن دخين وابن هليل ، وابن مطر وغيرهم ممن كانوا مصادر للقبيلة في أعرافها وأحكامها.
أما التعليم الذي لم يكن ينأى بعيداً عن بصيرة الدولة ، فأنشئت المدارس ، في قراها حتى لتكاد تقول : بأن في كلّ قرية مدرسة.
والصحة ومراكزها ، والخدمات المؤسسية المختلفة .
اشتهرت المنطقة بالمزارع ، ومزارع العنب نالت شهرتها ، لتفوّق منتوجاتها وتميزها.
التاريخ تحكيه لنا رموز قائمة ، تتمثل في الحصون التي كانت في يومٍ ما ، برج مراقبة وحماية للقرية وما يحيط بها، في زمن لم يكن الأمن يحلُّ عليها ، إلا أن أرست الدولة السعودية قواعدها ، فحلّ الأمن والسلام ، وأصبحت هذه الحصون ترمز لتاريخ مضى ، وحاضرٍ به يُزدهى.
اتجه الأهالي لترميم بعض تلك الحصون ، وإعادة بنائها ، والمحافظة على مكانتها.
ترميمها ، استحضار لتاريخ أهلها .
قرية ( اطلح) كانت آخر محطاتنا ، قرية الشاعر محمد بن تويم – رحمه الله- تلك القرية التي بدأ حصنها شامخاً ، بعد إن اكتسى بجمال التحسينات ، وإعادة البناء ، على يد أهله ، ليحكي لنا مَن كان هنا ، ومن وضع لبنته الأولى .
هذه المحطة الأخيرة بعد أن حطت رحالنا في أحد مزارع العنب في بنو سعد ، لنقف على زراعته ، بين الماضي والحاضر ، ونتذوق حلاوة الإنتاج ، تحفّها كلماتُ الترحيب ، ومظاهر الكرم .
تلك الرحلة كان قائدها ، وربانها ، رجل الأعمال ( أحمد الشهيب ) الرجل المخلص لوطنه ، والوفي لمنطقته .
رِحلة جمعت بين التاريخ المكاني ، والبعد الإنساني ، والثراء المعرفي ، والرؤية البصرية الماتعة ، وروح المرح والفكاهة التي أضفت جواً من الجمال ، وكسرت حدة الملل .
توّجها نخبة من إعلاميي الطائف الذين سجلوا اللحظات بكل تفاصيلها .
رحلة سياحية ثرية ،ولعل هيئة السياحة توجه إلى هذه المنطقة مزيداً من الاهتمام ، فهي جاذبة بجمال طبيعتها ،ومزارعها ، ومنتوجاتها المميزة ، والأماكن التاريخية والأثرية والحفاظ عليها مطلبٌ لمواكبة مسيرة الرؤية.
الحديث عن بنو سعد مكانها وإنسانها يشعرك بالفخر والاعتزاز بالانتماء إلى هذه القبيلة ، التي تفخر بانتمائها لهذا الوطن ، المملكة العربية السعودية.
وأخيراً :
إنسانها عُرف بالكرم ، والانتماء والولاء لوطنه ، وكسر المثلَ القائل “في كلِّ وادِ بنو سعد “للاضبط بن قريع السعدي.
فأقول : في كلِّ وادٍ من بني سعدٍ (سَعْدٌ)






