الدكتور أحمد عبدالغني الثقفي
يا خميس الروح يا نافذة تفتح للصدر فضاء
يا يوم يمسح عن قلب الانسان غبار العناء
يا ظل يميل على الاسبوع فينعش ما ذبل من رجاء
يا خطوة توقظ في الطرقات رائحة بيتٍ يحن للضحكات والدفء والهناء
يا خميسا اذا اقبل
ارخى الزمن صوته
وخفف العالم وقع خطاه
وصار النهار اكثر لينا
وصار المساء اقرب للقلوب من كل مساء
يا يوما يمشي في الاسابيع كأنه عيد صغير
وكأن في حضوره موعدا مع السكينة
ومع حكاياتٍ تستيقظ كلما هدأ صخب الحياة
يا خميسا يعيد للوجوه ملامحها
وللقلوب نبضها
وللبيوت حكاياتها القديمة التي لا تموت
يا يوما اذا تنفس
تسرب الطمأنينة من بين انفاسه
وكان النسيم فيه اكثر رقة
والسماء اكثر قربا
والصوت الداخلي اكثر صدقا
يا خميسا نعرفه منذ كنا اطفالا
حين كانت رائحة العشاء مختلفة
وصوت الامهات يرفرف في البيت كفرحٍ لا يعرف الانطفاء
يا يوما كنا ننتظره لنلعب اكثر
ولنسهر اطول
ولنضحك دون حساب
وكان الليل فيك يا خميس
يطول مثل قصص الجدات
ويمتد مثل ضحكةٍ ناعمة على اطراف الذاكرة
كبرنا
ولا زال الخميس يملك القدرة ذاتها
على تهدئة الارواح
وعلى جمع الشتات
وعلى تذكير الانسان انه لم يكن مخلوقا للركض فقط
بل خُلق ليحب
ويستريح
ويجلس مع نفسه
ويفتح نافذة يطل منها على معنى اجمل للحياة
يا خميسا تتجمل به الشوارع
وتتلطف به الطرق
وتزدحم فيه الاماكن بالقلوب لا بالخطوات
يا يوما اذا حل
خفتت اصوات التعب
وسكنت الاشياء التي كانت تقاتل في الداخل طوال الاسبوع
يا فسحة رحمة
يا نعمة صغيرة
لكنها اثمن من ألف نعم
يا خميسا يجعل للمساء نكهة
وللقهوة طقسا
وللحديث عمقا
وللنفوس راحة
يا يوما يخرج فيه الناس من زحام الاسبوع
وكأنهم يخرجون من عاصفة الى ارضٍ هدأة
فيتنفسون بعمق
كأن الرئة تعود اليها الحياة بعد غياب
يا خميس الالفة
يا موعد العائلة
يا يوم الاجتماع حول مائدة يطول فيها الحوار
وتتسع فيها القلوب
وتتشابك فيها الدعوات كما تتشابك الارواح التي ظلت طوال الاسبوع تبحث عن لحظة قرب
حتى وجدتها في حضنك يا خميس
يا يوما يذكرنا ان الارض مهما ازدحمت بالصخب
تبقى مساحة للفرح
وللراحة
ولاحياء التفاصيل التي تبهت في زحمة الاعمال
يا عطلة روح
يا نص الاسبوع الذي يكاد يكون عيده
يا خميس اذا مر
ترك في القلب وردة
وفي العين بريق
وفي الذاكرة اثرا لا يشبهه اثر
يا خميس
يا وعد اللطف
يا صديق النفس
يا لحظة سلامٍ تتكرر كل سبعة ايام
وتجعل من الحياة رحلةً ارق
ومن القلب وطنا اكثر دفئا
ومن الروح طائرةً تحلق فوق تعب الدنيا
نحو مساءٍ لا يعرف الا الهناء.
شاعر اوتار القلم احمد عبدالغني الثقفي
