(التحولات التربوية في القرن 21 (الذكاء الاصطناعي )المملكة العربية السعودية أنموذجاً .).1-4

الكاتب / علي خضر الثبيتي
يرى ابن خلدون “أن التغيير شيء حتمي يتسم بالاستمرارية والفاعلية، والمجتمع البشري سائر إلى التغيير شأنه في ذلك شأن الفرد الذي يمر بمراحل حياته منذ ولادته حتى وفاته.”
والقرن الحادي والعشرون يقف على طريق التغيير في مختلف جوانب الحياة، ومن تلك المتغيرات :
الرقمنة التكنولوجية ، ساهم في ذلك الانترنت الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة الملايين من البشر في أنحاء المعمورة، مما أتاح الوصول إلى المعلومات، والتواصل بين الناس .
والذكاء الاصطناعي أحد هذه المتغيرات وبتطوره السريع، أثر على مختلف القطاعات ومنها التعليم .
إذن يمكن الأخذ بالقول :”التغيير ضرورة حتمية، والتحول هو مفتاح النجاح في المستقبل. المؤسسات والأفراد الذين يفهمون كيفية إدارة التغيير والتحول بفعالية سيكونون قادرين على التكيف مع العصر الجديد وقيادة الابتكار.”
ولعل ضرورة التغيير من التقليدي إلى الحديث ، واستمراية الإنسان في التحول ، قد أشار إليه الفيلسوف (نيتشه (Nietzsche)، قائلاً: “إن التغيير ضروري لتجاوز القيم التقليدية وخلق قيم جديدة، وارتبط ذلك بمفهومه عن إرادة القوة والتحول المستمر للإنسان.”
ولعل التغيير مرحلة أوقيمة تقود إلى (التحوّل) ؛ والتحوّل بالمعنى اللّغوي : تنقل من حال إلى حال.
ولعل هذه الدلالة اللغوية توائم الفعل التربوي ، والتحول من مرحلة تسمى ( التقليدية)-وإن كنتُ لااتفق مع هذه التسمية ، لكون التعليم يمرّ بمراحل بناء وتطور ، فلكل مرحلة شأنها في النماء والبناء – إلى مرحلة أخرى تواكب العصر ، وتأخذ بمعطياته وإمكاناته.
والتحول التربوي مرحلة من مراحل التعليم ، تفرضها التطورات المتلاحقة في أدوات التعليم .
ويعرف التحوّل التربوي بأنه:”عملية تغيير منهجية تهدف إلى تحسين وتطوير الأنظمة التعليمية من خلال تبني استراتيجيات جديدة، ودمج التكنولوجيا، وتطوير المناهج وأساليب التدريس، مع التركيز على تنمية مهارات الطلاب بما يتناسب مع متطلبات العصر.”
وتشير إحدى الدراسات إلى مفهوم التحوّل بأنه”الانتقال من الاتجاهات التعليمية التقليدية الحالية إلى الاتجاهات التعليمية المستقبلية التي تشدد على إنتاج المعرفة وابتكارها ، والانفتاح على الثقافة العالمية بما يكفل عدم العزلة عن العالم من جهة ويحفظ الهوية الدينية والقيم والعادات الحسنة في المجتمع من جهة أخرى ، وتوجيه التعليم نحو التعلم الذاتي والمستمر مدى الحياة، والتركيز على زيادة المعرفة بالممارسة والاستخدام ونشرها بسرعة من خلال الشبكات الإلكترونية التي تلغي الزمان والمكان ، في ظل نظام إداري تمكيني يخضع للتقويم والمساءلة والمشاركة المجتمعية” .
أما فلسفة التحول فترى أنه إعادة تشكيل لفلسفة التعلم نفسها، بل “ليس مجرد تغيير في الأساليب التعليمية، بل هو إعادة تشكيل لفلسفة التعلم نفسها، بما يواكب تطورات العصر ويجعل التعليم أكثر إنسانية وشمولية”
والتحوّل التربوي يتضمن تغييرات في مختلف جوانب العملية التعليمية،ومن هذه الجوانب (التكنولوجيا: وتوظيفها في التعليم لتعزيز عملية التعلم وتوفير فرص تعليمية متنوعة وشخصية ، ودمج التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والتعلم عن بُعد، والواقع الافتراضي.
وتكمن أهمية التحول التربوي في مواكبة التطورات العالمية،و تحسين جودة التعليم وتنمية المهارات ، وتعزيز ها وبخاصة مهارات القرن الحادي والعشرين مثل الإبداع والتعاون والتفكير النقدي. وتلبية احتياجات سوق العمل،وتعزيز التنمية المستدامة، و تمكين المعلمين وتطوير قدراتهم المهنية.
وللتحول التربوي موازٍ ومعززٌ، بل ضرورة ويقوده نحو الارتقاء ، وهو ( التحول التقني) الذي يشير إلى دمج التقنيات الرقمية في جميع جوانب العملية التعليمية، بدءًا من تصميم المناهج الدراسية وتقديمها، وصولًا إلى تقييم الطلاب وتواصلهم مع المعلمين.
ويؤدي إلى “تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين ويساعد الطلاب على اكتساب مهارات أساسية مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتعاون، والتواصل الفعال، وهي مهارات ضرورية للنجاح في سوق العمل المتغير.”





