حين يتحول الضحك إلى قسوة: إساءة جديدة للحيوانات باسم “الترند”

✍️ فاطمة الحربي
في ظاهرة مؤسفة بدأت تنتشر مؤخرًا على مواقع التواصل، يظهر بعض الأشخاص وهم يُرعبون الحيوانات الأليفة في منازلهم — قططًا أو كلابًا — عبر إظهار السكاكين أمامها أو تقطيع كعكة على هيئة حيوان يشبهها، فقط لقياس “ردة فعلها” أمام الكاميرا!
هذا التصرف الذي يصوره البعض على أنه “محتوى ترفيهي” أو “مزاح خفيف”، هو في الحقيقة فعل قاسٍ ومشين لا يمتّ للإحسان أو الإنسانية بصلة.
النبي ﷺ قال بوضوح:
“إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليُحد أحدكم شفرته، وليُرِحْ ذبيحته.”
حتى في الذبح — وهو موضع القتل المشروع — أُمِرنا بالرفق، فكيف بمخلوقات لم تُخلق للأكل، بل تعيش معنا تحت سقف واحد وتشاركنا الأمان؟
ما يحدث في هذه المقاطع هو تعذيب نفسي للحيوان، وسلوك يرسّخ في نفوس الصغار فكرة أن الخوف والتهديد وسيلة للضحك. ومن المؤسف أن البعض يسعى خلف المشاهدات والانتشار ولو على حساب كائن ضعيف لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
هؤلاء لا يصنعون محتوى، بل يعتدون على مبدأ الرحمة الذي قامت عليه الشريعة والفطرة السليمة. والسكين التي تُرفع للضحك اليوم، قد تُغرس غدًا في وجدان طفل يتعلم القسوة بلا وعي.
نحن بحاجة إلى وقفة جادة من المنصات والمجتمع مع هذا النوع من الانحدار، عبر الإبلاغ عن الحسابات التي تمارس هذا السلوك، وعدم إعادة نشر مقاطعهم مهما كانت “غريبة” أو “مضحكة”. فالمشاهدة دعم، حتى لو كانت بنية الرفض.
الرحمة بالحيوان ليست خيارًا، بل مقياس لإنسانيتنا.
فلنحفظ ميزان الرحمة قبل أن تفقده شاشاتنا.





